السبت، 24 أكتوبر 2009

إنّ بعض الظنّ إثم بقلم مروة صبري

إنّ بعض الظنّ إثم بقلم مروة صبري



اقتربت من طفل صديقتي لألاعبه فلم أستطع من رائحة السجائر القوية المنبعثة منه. و أشفقت عليه و على رئتيه البضتين و عزمت أن أحدث أمه في الأمر من أجل مصلحة قرة عينها. ظللت أفتش عن مدخل مناسب أفاتحها به حتي لا أجرح مشاعرها أو أخسرها. و قبل أن أتحدث، راجعت معلوماتي السابقة عن أسرة هذه الأخت فعلمت أنّ بالأمر سر. فأنا أعرف جيداً أنها نشأت في بيت مستقيم و كذلك زوجها و لا يمكن أن يقترب أحدهما من التدخين. فاقتربت من الرضيع مرة أخرى أكذب أنفي الذي أصر على موقفه. إنها رائحة سجائر دون شك.

يجب أن أنقذ هذا الطفل و لو بنصيحة. نحن نعيش في غربة و لا يحتك ابن صديقتي بأحد إلا والديه مما يؤكد أنّ الأم حتماً تعرف مصدر الرائحة. ألصقت أنفي في قميص الطفل و أنا أدفع فكرة أن والده يدخن فسألت أختي في الله و براءة الأطفال في عينىّ عما إذا كانت وضعت عطراً لابنها قبل مغادرة المنزل. أعرف أنّ رائحة العطر تختلف اختلافاً كلياً و جزئياً عن رائحة السجائر و لكن من يضمن ما يدور بأمخخ مصنعي العطور؟ أنا شخصياً لا أثق في كل إبداعاتهم و لكنّ المشكلة أنّ صديقتي ضحكت و قالت:"أتظنين أنّ عندي وقت لهذا؟" قاتلة بذلك آخر أمل عندي في دفع ظنّ السوء فكان لابد من سؤال صريح بأدب و ابتسامة،:"هل زوجك مدخن؟" فضحكت مرة أخرى و قالت،"هل نحن (وش) ذلك؟" فسألتها عن رائحة السجائر التي تفوح من ابنها فضحكت أكثر و قالت "أصلي نسيت حلة اللحمة على البوتاجاز و خرجت. الحمد لله ربنا ستر بس الريحة مسكت في كل حاجة حتى الهدوم اللي في الدولاب."

كتبته مروة صبري©2009



الأربعاء، 21 أكتوبر 2009

حكايات أسرة فريدة

حكايات أسرة فريدة
تأليف:مروة صبري

ترررررررن! دق جرس المنبه في تمام الساعة السادسة رغم أنف الأستاذ فريد،"يووه! ما تطفوا المنبه ده. الواحد ما بقاش عارف ينام في البيت ده!"
الأستاذة فريدة،"يعني انت بس اللي نفسك تنام و احنا مش بني آدمين؟"
"أنا شغال طول النهار إنما انتي ممكن ترجعي تنامي.""يا سلام! هو اللي عنده عيال زى عيالك و جوز زيك يعرف ينام."
قامت الأستاذة فريدة بعد أن انتهت مع زوجها من تمرينات الصباح للأحبال الصوتية و بهذه الشحنة توجهت إلى غرفة ابنها حسن و بحركة واحدة فتحت باب الغرفة و أشاحت الستار لتنسكب آشعة على حسن و لتتأكد من أن الجرعة كافية طيرت اللحاف ليرتعش حسن المسكين ،"يا ماما بقى!"
"قووووم!"
انطلقت الأستاذة فريدة إلى الغرفة الثانية حيث ينام البنات ولكنها أبطأت الخطى و الصوت و بهدوء شديد أيقظت ندى و نور حتى لا تقلق نوم الرضيع الذي استيقظ على أىّ حال و بدأ سيمفونية النكد المنفردة مما أدى إلى نظرات شزرة من الأستاذة فريدة إلى ابنتها الكبرى ندى،"عاجبك كده!"
أجابت نور،"عاجبني إيه؟ هو أنا عملت حاجة؟"
"هو ده اللي باخده منك، لسان و بس."
"بس يا ماما.."
"ما بسش، ما تكتريش في الكلام و اخلصي عشان ما تتأخريش."ذهبت السيدة فريدة إلى فراش ولدها عماد و احتضنته و هىّ تحاول أن تثنيه عن عزمه على مواصلة الفاصل البكائي بأن بدأت مقطوعة أخرى،"هاىّ و هاىّ و هاىّ و هاىّ، ياللي مليت الدنيا علىّ..
و لما زاد الطرب بالغرفة، انسحبت ندى و نور اللتين التقتا بحسن عند باب الحمام و بدأت مشادة كلامية بغرض تحديد من يهرب داخل الحمام أولاً كان من نتائجها أن قام الأستاذ فريد بالشبشب الزيكو مقاس 77 و هو يصيح،" إيه الأسلوب السوقي ده. هو ما فيش تربية؟" و لسر عجيب فقد أعاد التلويح بالزيكوالأمن إلى البيت و عادت الحدود إلى ما كانت عليه من هدوء قبل أن يدق المنبه في الساعة السادسة تماماً.

الثلاثاء، 20 أكتوبر 2009

أمثلة للمقهورين فقط

"كتبت مروة صبري" أمثلة للمقهورين فقط
أحب الأمثلة الشعبية و أجد متعة في سماعها لما يحوي جلها من حكم خفية و ظاهرة. بعض الأمثلة يستوقفني و يجعلني أفكر في وقعه على الشعب المصري و على الأجيال التي تربت على سماع هذه الأمثال ك"امشي جنب الحيط لحد ما يجيلك الفرج". و لم يحدد المثل بالضبط العلاقة الوثيقة بين الحائط و الفرج و ما إذا كان السير بجانب الحائط لهدف معين أم أنه مشى بغرض تضييع الوقت. و بالنظر إلى الشارع المصري أجد أن الشعب محتار مثلي و أكبر دليل على الحيرة هو الوجوه الواجمة و الأفواه المفتوحة و إن لم تصدقني فإني أدعوك أخي المواطن المصري أن تراقب الناس في الشوارع. فستجد من يمشي بجانب الحائط بدون هدف و منهم من يمشي و ينظر يميناً و يساراً لعل الفرج يأتي من حيث لا يدري و منهم من تعب فوقف يراقب الجميع و يعلق على كل صغيرة حوله لأقرب مار. و هناك من أخذ المشى بجانب الحائط على أنه سعىّ حثيث حتى لا يضيع العمر و الحائط بالنسبة لهؤلاء هو الحيطة و الخطوات المستقيمة و هؤلاء يصلون بأمر الله لا محالة و حينئذ يفرحون بالفرج.

السبت، 17 أكتوبر 2009

الذنوب أحجام

بقلم مروة صبري

نعلم من القرآن و السنة المطهرة أن الذنوب تنقسم إلى كبائر و صغائر و أنّ في البعد عن كلاهما النجاة في الدنيا و الآخرة. أما في عصر الحاسوب الآلي و الديجيتال،أصبحت للذنوب انقسامات كثيرة من حيث الحجم فمن الذنوب ما هو كبير كشرب الخمر عمد الغالبية و منها ما لا يستحق الذكر و إن ذكرته نصحك الناس ب"يا عم صهين" مثل السكوت عن الحق و تجاهل الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر ف"خليك في حالك" هو الرد المتوقع في حالة الحشريين أمثالك. و من الذنوب ما لم يعد ذنباً مثل معاكسة بنت الجيران و الكذب على الأبوين و عدم الإنصات لهم في سن الشباب و كأن الشباب اليوم مرفوع عنهم القلم.
لم يعد المرجع في تقييم الذنوب هو القرآن و السنة كما كان الحال من قبل إنما التقاليد و الأهواء و العقل و دواعي التطور و معلش. و على ذلك فإن الكبائر أصبحت من الفصائل الشبه منقرضة من الذنوب. فالربا أصبح فائدة و القتل في الأفلام يكون بحسب جماهيرية القاتل فلو كان القاتل عادل إمام، أصبح القتل مشروعاً أما إن كان من ممثلي الدرجة الثالثة فلا يحل له. و يذكرني هذا بابنة مخرج أفلام شهير حينما نقلت لي عن أبيها أن القبل في الأفلام ليست حراماً. و من وجهة نظر أبوية، لا يصح لهذا الأب أن يخبر ابنته الطفلة البريئة حينئذ أن أباها يروج لمعاصي في أفلامه حتى لا تهتز صورته أمامها فاختار أن تهتز صورة الدين. و يبدو أن الكثير يتبع هذه الحكمة و نعم بها. فبدلاً من أن نعترف بأخطائنا أو جهلنا، أحرى لنا أن نطور الدين و نوسعه بحيث يحتوي ذنوبنا جميعاً. فلماذا نقول بأن الحجاب فرض و النقاب فضل و أن بعضنا مقصرين، أليس من الأجدر أن نظهر و كأن كل شيء تمام و أن جماهير أهل العلم الذين حفظوا و درسوا القرآن و السنة و علوم القرآن و ألموا بعلم التفسير و علم الجرح و التعديل و أسباب النزول و النحو و الصرف و أدب تلقي العلم و فضل العلماء ، كلهم أخطئوا الفهم. أما الذين فاتهم كل ما سبق فلحكمة ما، هم الذين فتح الله عليهم من دون عباده و آتاهم من البصيرة ما فاقوا به الأولين.