الأربعاء، 24 مارس 2010

شلبية الأمريكية كتبته مروة صبري

شلبية الأمريكية كتبته مروة صبري

 حينما كنت أعيش في المعمورة، كان كل ما يصلني عنّ أمريكا أنّها بلد مثالية و كل من فيها أغنياء و مثقفون. ساعد على هذا التصور ما كنا نسمعه من أخبار تحمل إنفعالات و انبهارات من مصريين عائدين من الخارج. عضد من هذا التصور أيضاً نجاح الأمريكيين في صناعة الأفلام والمسلسلات التي تصور الحلم الأمريكىّ بكل أبعاده من سيارة فارهة وبيت كالقصر في سعته ونظافته وزوج وزوجة جميلي المنظر. وتزداد الطينة بلة إذا كان البطل رومانسياً و يحرص على سعادة زوجته واحترام رأيها في حين تعاني شلبية من سوء معاملة حسنين لها وغلظته عليها.

الممثلة الأمريكية نحيفة فيظن المتفرج المصري أنّ كل الأمريكيات يحافظن على رشاقتهن ولكن إذا عاد حسنين إلى بيته و لم يجد الصواني المحمرة معدة لمعدته، نسىّ ما تعلمه في الفيلم الأمريكي وعاش في دور رشدي أباظة في فيلم الزوجة ال13.
فإذا انتهى من الطعام، قلب جهاز التليفزيون على المسلسل الأمريكىّ اليومي و قارن قوام شلبية بجانيفر وينسى حسنين أن يقارن كرشه بقوام مارك زوجها. وتاه عن حسنين أيضاً أنّ مارك يأكل أكلاً بسيطاً وكثيراً ما يطهوه هو أو على الأقل يغسل الأطباق بعد العشاء.

أما شلبية فتنظر إلى جانيفر على أنّها مدللة، أنانية، لاتستحق زوجاً كمارك. وتقارن شلبية طبيخها الشهىّ الذي يتحاكى به البعيد والقريب بأكل المستشفيات الذي وضعته البطلة لزوجها على الطاولة وتقول:"الله يسامحك يابا، انت السبب."

ولن أكذب وأدعي أنّ شخصية مارك وجانيفر لا توجد في المجتمع الأمريكىّ بل بالعكس فهما شخصيتان حقيقيتان ولكن الحقيقة الغائبة أيضاً هىّ أنّه يوجد شلبية أمريكية يسيء إليها زوجها وقد تعاني من السمنة وتعيش عيشة المستضعفين وترضى ذلاً يفوق خيال قرينتها المصرية. و بالتالي يوجد حسنين أمريكىّ لا يرحم و لا يقدر ولكنّه إن عرض في التلفاز،هرب المشاهدون فكما أنّه شخصية غير مرغوبة في الواقع،فهو غير مرغوب وراء الشاشة أيضاً وإذا ظهر فلن يكون هو البطل ويتلاشى حضوره أمام مارك و أمثاله وكذلك بالنسبة لشلبية وأشباهها.

هناك بيوتاً أمريكية فارهة حقاً ولكنها مشتراة بالديون من البنك وتقسط أثمانها مع الفوائد (كما يحلو للبعض تسميتها) على مدة خمس وعشرين إلى خمس وثلاثين عاماً وإذا قصر الأمريكىّ في السداد قبل أن يسدد فوائد البنك،خسر كل شىء. وفي مناطق غير بعيدة من هذه القصور،يوجد شققاً تضيق بأهلها الأمريكيون أيضاً الذين يعملون أكثر من وردية رجالاً كانوا أم نساءاً ليوفروا ما يسد رمقهم وهم دائماً مهددون بالطرد إن لم يوفروا الإيجار في أول يوم من الشهر. هؤلاء لا يمثلون استثناءاً كما يمكن أن يتصور البعض بل يكاد أن يكون كل أمريكىّ مر بهذه اللحظة في مرحلة ما من حياته ويكون محظوظاً إذا تخطاها إلى بر الأمان لأنهّ لا يوجد سعة في كثير من الملاجىء المعدة للمشرد ين. التشرد و الشحاذة أصبحا ظاهرتين يقابلهما كل من يمر بالشوارع الأمريكية يومياً.

فإليك يا أخت شلبية وإليك يا أخ حسنين أقول أغلقوا التلفاز فمن أغلق التلفاز فقد فاز ورضىّ بعيشته ولو على لمبة جاز. ©مروة صبري 2010





الخميس، 11 مارس 2010

هل يعود الأزهر؟

هل يعود الأزهر؟


كتبت مروة صبري

مات شيخ الأزهر، محمد سيد طنطاوي يوم الأربعاء في المملكة العربية السعودية على إثر أزمة قلبية حادة عن اثنين و ثمانين عاماً. أسأل الله أن يدخله فسيح جناته فيتقبل حسناته و يتجاوز عن سيئاته. وفاة شيخ الأزهر السابق في المدينة و دفنه في البقيع من العلامات الطيبة التي أغبطه عليها.و كم أتمنى أن أرى علامات لعودة الأزهر كمنارة للعلم لا تخشى في الله لومة لائم. العالم بأثره يتطلع إلى الأزهر الذي ضعفت مواقفه مع تقدم عمره. الأزهر كان مكانة لا ينتمي إليها أحد إلا رفع. كان الأزهر فوق السياسة و الساسة،يرتقي فترتقي معه الهمم فأرجو من الله الكريم أن يعيده و يولي قيادته خيارنا.

لقد شغل اسم سيد طنطاوي مساحات عريضة من الصحف و المجلات سواء بحكم منصبه أم بحكم فتاواه التي كثيراً ما أثارت جدالات نافعة و ضارة على السواء. مات شيخ الأزهر ولا أملك إلا أن أسأل الله أن يحاسبه حساباً يسيراً فمن نوقش الحساب يهلك و لا أتمنى الهلاك لبشر. مات شيخ الأزهر اليوم و اليوم ترفع عنه أقلام الملائكة و أسوة بهم أرفع قلمي.

الثلاثاء، 2 مارس 2010

حماة الوطن © مروة صبري 2010


حماة الوطن © مروة صبري 2010

نشرت صحيفة لوس أنجلوس تايمز في عدد الثاني و العشرين من فبراير قصة مواطن مصري يدعى فاروق سيد،مات في السجن بعد تعرضه للاستجواب على يد الشرطة في مصر. مات سيد في ظروف سكتت عنها الشرطة تاركاً وراءه أربع أطفال أكبرهم في السابعة من عمرها، و زوجة و أم لم تجف دموعهما و لكن زوجته تؤكد أنّ جسده يحمل علامات ضرب مبرح و كدمات.
أكد المغسل الذي قام بتغسيله و تكفينه تبرأه إلى الله من قتلة هذا الشاب الذي لم يتجاوز الثامنة و الثلاثين، و قال أنّه يرى حالات وفاة كل يوم و لكن يبدو أنّ فاروق مات ضرباً. جسد فاروق يحمل كدمات على الصدر و الظهر و اليدين.
تقول الصحيفة أنّ فاروق كان له سبقة في التعامل مع المخدرات و لعمله كقهوجىّ، فهو قادر على أن يتسمع و يجمع معلومات تفيد الشرطة في القبض على تجار المخدرات في المنطقة. و لما رفض فاروق،ضيّقت عليه الشرطة و من وقت لآخر كانوا يهددونه بالقبض عليه أو دفع رشوة و قد دفعا عدة مرات. إلا أنّ في المرة الأخيرة قبيل عيد الفطر كان قد وصل لمرحلة من الضيق جعلته لا يخاف من الشرطة. طلب منه ضابطاً مالاً فتعذر بأنّه لا يملك ما يشتري به لأولاده هدايا للعيد فأخذ على القسم و اختفى و انقطعت معلوماته. كانت زوجته تحمل له طعاماً كل يوم و تترك دون أن يسمح لها بمقابلة زوجها و لا تدري إن كان الطعام وصل إليه.
وصل للزوجة عن طريق ممرضة تعمل بمستشفى محلي أنّ ميتاً قد وصل إلى المستشفى يطابق أوصاف فاروق. هرعت تقوى إلى المستشفى فأدخلوها عليه و هو مغطىً بملاءات إلا وجهه و أمرها ضابط آخر ألا تكشف الغطاء عن جسده لأنّه يحرم عليها رؤيته بحسب الشريعة الإسلامية على حسب رأيه و لكنّها أزالت الغطاء فوجدت آثار التعذيب من كدمات و تورمات على جسد والد أطفالها.
مر على الوفاة أشهر و قتلة فاروق ما زالوا يتمتعون بحريتهم و المفترض أنّ العثور عليهم أمر يسير، فقد قتل في حيازة الشرطة المصرية.
هذا ما أوردته الجريدة الأمريكية باختصار و هذا ما قرأه الأمريكيون عن تعامل الشرطة في مصر مع الشعب. و مما سمعناه عن شرطتنا (حامية الشعب) من هنا و هناك فإنّها ليست بسابقة.
ولكن و من المفارقات الغريبة أنّه في ذات اليوم الذي نشر فيه هذا التحقيق، صدر تقريراً عن سوء تعامل بعض أفراد الشرطة في لوس أنجلوس مع الأحداث المسجونين هناك. وقد وردت تعديات تنم عن استغلال بعض ضباط الشرطة الأمريكية لنفوذهم ضد هؤلاء الأحداث. و على الرغم من أنّ اعتداءاتهم لم تصل إلى القتل كما حدث على يد حماة مصر الحبيبة، إلا أننا لابد و أن نفكر في الصلة بين الخبرين. من المؤكد أنّ السلطة فتنة لا تقوى علي مقاومتها نفوساً ضعيفة.فكيف تقوى النفوس إن لم يكن الإيمان بالله موجود؟
ضابط الشرطة الأمريكي يخضع لقوانين و تبعات صارمة كما يخضع لتدريبات في فن التعامل مع الشعب شريفاً كان أو غير ذلك فهو ما يزال إنساناً له أن يحترم حتى تثبت عدم إنسانيته. الشرطة عند الأمريكيين مهنة محترمة و ضابط الشرطة حقاً في خدمة الشعب و إن لم يفعل فسطوة القانون فوق سطوته. و مع ذلك فمنهم من يفتتن بسلطته المؤقتة فيسيء استخدامها و عندما يثبت الإتهام عليه،يلقى توابع تقصيره أما إذا أخلص عمله، وجد راتبه و حوافزه تهنئه.
ضابط الشرطة في مصر لا يدخل المهنة إلا مكرهاً في أغلب الأحيان لمجموعه الضعيف في الثانوية العامة و تحت ضغط الأهل حتى يضمن وظيفة و امتيازات مدى الحياة. بعضهم يتميز بالغلظة و خاصة ضد من تثبت عليه تهمة الفقر. السلوك السلبي للعديد من ضباط الشرطة في مصر يسيء إلى المهنة و ممتهنيها.أسأل الله أن يرسل فيهم من يقوي نفوسهم و يذكرهم بالهدف الأسمى لعملهم.
جميعنا يحتاج إليهم و توقعاتنا منهم كبيرة ،فهل أعددنا حماة الوطن لحماية الوطن و هلا اخترناهم من خيرة شباب البلد لتعود ثقتنا في بلدنا و حكومتنا التي هم ممثلوها. ضابط الشرطة إن أحسن عمله و نيته فهو مجاهد في سبيل الله، فهلا ذكرناهم لعلهم يتذكرون. ©مروة صبري 2010