الأحد، 30 مايو 2010

هكذاعاش الحب ستين عاماً؟ كتبت مروة صبري

كنت أقود سيارتي عندما لمحت جارة عجوز أمريكية تتعثر وهىّ تجر سلة القمامة الخالية لتعيدها إلى حديقتها. توقفت أعرض عليها المساعدة فأبت وبكت. كانت أول جملة تقولها هيّ: "مات زوجي منذ عامين. أنا أفتقده كثيراً." تحدثت إليها قليلاً لعلي أخفف عنها. حسرتها توحي بحداثة الجرح بالرغم من مرور عامين.


تعدد مروري عليها وفي كل مرة كانت تضيف لي حكاية جديدة عن ذلك الرجل الذي عاشرته ستون عاماً. أهم ما ذكرته هو أنّه كان يعمل بيده في البيت فبنى سوراً وكان يقلم الأشجار ويقوم بما يحتاجه المنزل من أمور. وقالت بيقين،"من لا يفتقد رجلاً كهذا؟"

لفت إنتباهي أنّها كانت تذكر مجاملات زوجها لها على بعض طباعها وتبتسم ولم تذكر أىّ نقص عنها أو عنه. ألأنّه مات؟ ألم يتشاجرا قط؟ يالها من قصة لم أسمع أو أقرأ عنها حتى في كتب عجائب الدنيا.

صدمتي الكبرى أتت حين أخبرتني أنّ كلاهما كان متزوجاً من قبل. فبحسب الدراسات فإنّ معدل الطلاق في الولايات المتحدة من الزواج الثاني أكبر منه في الأول. و لكنّ جارتي التي تبلغ من العمر تسع وثمانون عاماً تفتخر بدوام زواجها الثاني ستون عاماً فقالت لي في أحد محادثاتنا:" الزواج اليوم لا يدم عامين في كثير من الأحيان حتي أني أتساءل لم يتزوج الشباب إن لم يكن الإستمرار من أهدافهم؟"

أخيراً سألتها:"كيف عاش زواجكما ستين عاماً؟"

فأجابت دون تفكير:" مدار الأمر كله على التآلف. فقد كنا نتشارك اللوم في أىّ خلاف. فلم نتشاجر قط بل كلما عرض أمر، يعتذر كلانا للآخر. مهما كان الخطأ صغير، فهو يستحق الإعتذار."

هكذا عاش الحب ستون عاماً.



الأربعاء، 19 مايو 2010

توت عنخ أمون قد يكون مات بسبب ملاريا

توت عنخ أمون قد يكون مات بسبب ملاريا


كتبت مروة صبري

أعلنت قناة BBC البريطانية كما نشرت صحيفة نيو يورك تايمز نتائج آخر الأبحاث التي أجريت على جثمان توت عنخ أمون (1323- 1341 ق م) لمعرفة أسباب الوفاة المبكرة. كان الملك الصغير ضعيف البنية و يعاني من أكثر من نوع من الخلل الصحي حين توفىّ في التاسعة عشر من عمره. و لكنّ العلماء اليوم أكدوا أنّ أقوى سبب مفترض للوفاة هو الإصابة بملاريا حادة مصحوبة بحالة دمور في العظام كان يعاني منها الملك الشاب.و قد وجد الباحثون آثار للملاريا في مومياوات أخر و كما تقول نيو يورك تايمز فإنّ هذا ليس بالمستغرب في مكان كوادي النيل.

و قد جرت عدة تجارب و تعرض جثمان الملك الصغير لعدد من التحاليل المعملية للتوصل لأسباب الوفاة لتي داهمته في عنفوان الشباب. و ثبت من خلالها وجود كسر في رجله حدث قبيل الوفاة يحتمل أن يكون من وقعة مما قد حمّل على جهازه المناعي الضعيف بالإضافة لخلل العظام مؤدياً لوفاته. هذه الدراسة الحديثة التي استخدمت تقنية إشعاعية متقدمة مع إختبار الحامض النووي أحبطت نظرية أن يكون توت عنخ أمون مات قتلاً كما اقترح بعض المؤرخين و الكتاب من قبل.

توت عنخ أمون كان ابناً لإخناتون و على الرغم من صغر سنه و قلة فترة حكمه إلا أنّ شهرته فاقت كثير من الفراعنة و ذلك لما خلفه من آثار. فقد اكتشف قبره في عام 1922 على يد عالم الآثار البريطاني هاوارد كارتر و أدهش العالم حالته التي تحدت عوامل البيئة و بخاصة قناعه الذي دفن به و الذي يعد ابداعاً فنياً لا يقدر بثمن.

التقنية المستخدمة في هذا البحث الذي ترأسه عالم المصريات زاهي حواس، قد تفتح مجالاً للإجابة عن أسئلة ماتت أجوبتها بموت أصحابها. و لكنّ دكتور ماركل الطبيب المؤرخ يجادل أن استخدام الإشعاعات المتقدمة و التقنيات الوراثية في دراسة التاريخ يثير تساؤلات أخلاقية عن خصوصية الأموات و مدى جدوى هذه الأبحاث للإنسانية؟ هل ستساعدنا في تجنب بعض الأمراض التي تهددنا اليوم كالأنفلونزا؟ هل ستغير فهمنا للتاريخ؟ كلها أسئلة تحتاج إلى أجوبة.











حتى النغمات سرقها أولاد العم

حتى النغمات سرقها أولاد العم


مروة صبري

تحتفل الولايات المتحدة الأمريكية في شهر إبريل بتراث الشرق الأوسط وبالأمريكيين الذين يعود أصلهم لهذه البقعة من العالم. مظاهر الإحتفال تظهر في بعض الجامعات في شكل تقديم حلوى مصاحبة بموسيقى. ومن المعروف أنّ بلاد الشرق الأوسط تزدهر بالحلوى الشرقية والموسيقى. وعلى الرغم من أنّ هاتان الإثنان لا يعدان من الإنجازات التي ترفع هامة الدول عالياً. إلا أنّهما قد يكونا أفضل من صور الإرهاب والفقر التي تتصارع برأس المواطن الأمريكيّ كلما وردت كلمة "الشرق الأوسط" أو "العرب". فرضىّ الأمريكيون العرب بهذا النصر المخجل والإعتراف المجمل بكيانهم ولكن الهم لم يرضى بهم.

فإنّ شبح إسرائيل المزعومة يسيطر على هذا الإحتفال في كثير من الجامعات بإعتبارهم وعلى الرغم من أنف الجميع، من دول الشرق الأوسط. فالموسيقى المسموعة تشبه نغمات العرب ولكن وضعها موسيقار إسرائيلي والحلوى شبيهة بالحلوى العربية ولكنها صنعت بأيدي أولاد العم. فكما سطوا على أرض فلسطين، سطوا على الشرق الأوسط كله ولو اسماً حتى تظل إسرائيل المزعومة حيّة في أذهان الشعب الأمريكي الذي يجهل جلّه ما وراء هذه الحلوى من معانٍ.

أما شهر مايو فهو شهر الإحتفال بالتراث اليهوديّ. وبالتالي ستسيطر إسرائيل ثانيةً على الإحتفال. فمن المحال في هذا الزمن أن يذكر اليهود دون ذكر إسرائيل. ومن المؤكد أن المحرقة التي تعرض لها اليهود على أيدي هتلر وما يقاسيه اليهود في سبيل أبسط المطالب الإنسانية في إقامة دولة لهم ولو على حساب شعب فلسطين لأمر يستحق التعاطف. ولا يأل اليهود الصهاينة وسعاً في جذب الإنتباه لقضاياهم. فقد عرفوا أنّ الحلوى والدموع على المحرقة هما من أفضل وسائل التأثير على العالم. هذه الخلطة السرية لها تأثير السحر ولكن كثرة الحلاوة تولد الغصّة وكثرة الدموع تولد القسوة وحينئذ يكون العالم مستعداً لسماع الحقائق.