الاثنين، 15 فبراير 2010

متجول مايكروفوني بقلم مروة صبري ©


متجول  مايكروفوني

بقلم مروة صبري©

يوجد بالولايات المتحدة قناة إذاعية خاصة بصوت المحافظين و لا أدري على أىّ شيىء يحافظون. أهم ما يميز من يعملون بهذه القناة هو صوتهم العالي و انفعالاتهم المبالغة فهم و إن كانوا )أمريكان( فإن مبدأهم في عملهم هو المثل القائل "الغجرية سيدة جيرانها". مما يميز هؤلاء المذيعين أيضاً هو إصرار و تأكيد كل منهم على أنه الأمين الجريء، ذي المبادىء الثابتة. أحياناً أجدني في حالة سكينة تسمح لي بسماع عشر دقائق من مهاتراتهم بحجة الفضول الذي هو قدر صحافىّ كتب علىّ ثم لا ألبث أن أعاتب نفسي و أقول يا ليتني قزقزت لب كان أفيد.

يوم الجمعة كان يوم سكينة و غلبني فضولي و أنا أقلب في قنوات المذياع فتوقفت عند صوت ذكرني ببائع الطماطم في بلدي الحبيب و شاء القدر أن يمكن من آذان عابرة سبيل مثلي و إذا به يهاجم ميشال أوباما ثم أوباما ثم اللذين خلفوا أوباما ثم اليوم الأسود الذي رأى فيه أوباما.

يقول بائع الروبابيكيا (مع كامل إعتذاري و تقديري لكل بائع متجول كادح لا ميكروفوني) أنه يعلم بل و متأكد أن أوباما ليس أمريكىّ الجنسية! لماذا يا هذا؟ قال:" لأننا لا نملك إثباتاً إلا ورقة، مستند و لم يتقدم أحداً ليقول أنه أو أنها تذكر من 48 سنة أن شابة وضعت هذا المولود في مستشفى بهاواىّ؟ لا أحد؟ لا أحد يذكر ميلاد أول رئيس أمريكي من أصل إفريقي؟"

ويتعجب المتحدث من هذا و يعجبه منطقه الذي أحمد الله أن حرمني منه و ينوه بأن ما يحدث هو أضحوكة يتكتم عليها البعض لمصالح شخصية.

المصيبة هنا لا تنحصر في أن مثل هذا مكن من آذان الناس بل الكارثة أنه مكن من عقولهم. فعلى الرغم من أن من الأمريكيين من يفكر بعمق و أنهم تربوا على ذلك، إلا أن منهم من يثقون في صوت المحافظين لأن هذا ما وجدوا عليه آباءهم فيأخذون المعلومات عن طريق الفم حتى لا تمر على المخ الذي قد يتساءل عن مصداقيتها.

هذا النابغة يشكك في مستند رسمي مختوم من جهات رسمية من ولاية تابعة للولايات المتحدة فهىّ على حد قوله مجرد ورقة و كان سيصدق أحداً يدعي بعد قرابة خمسين سنة أنه يتذكر أن شابة بيضاء جاءت في ليلة ظلماء لتضع طفلاً سمراء (أسمر بس القافية تحكم) يالها من وقعة سوداء.

كتبته مروة صبري©