الأحد، 10 يوليو 2011

من يراهن على تسرع الشعب المصري؟


                                                       

                                                                             مروة صبري

                       
راهن البعض على تسرع الشعب المصري، وأثاروا زوبعة جديدة تتهم وائل غنيم بأنّه يهدد بالتظاهر ضد الجيش. بدأت الحكاية بزيارة وائل غنيم للولايات المتحدة الأمريكية والتي ألقى فيها محاضرتان، أحدهما في جامعة ستانفورد، والأخرى في المركز الإسلامي بمدينة سانتا كلارا بكاليفورنيا. وعلى الرغم من عدم توافر إذناً بتصوير الفيديو، إلا أنّ أحد الحضور في محاضرة المركز الإسلامي صور بعض الحوار. وطفى التسجيل على اليوتيوب باللغة الإنجليزية مصوراً من بعيد ومن بين كرسيين حتى لا ينتبه أحد. كان عنوان المحاضرة "الثورة المصرية"، أمّا عنوان الفيديو المنشور فكان: (وائل غنيم يهدد بالمظاهرات ضد الجيش في حديث بأمريكا). و لأنّ الجيش خط أحمر فقد وجد مواطناً آخر أنّ العنوان لا ينصف الجيش فاختار عنواناً أسخن: (فضيحة وائل.. يهدد بالمظاهرات ضد الجيش في حديث بامريكا). ثمّ يعلق الناشر على الخبر ويكتب ( خيانة عظمى وائل كوهين يهدد بالمظاهرات ضد الجيش). وشاهد الفيديو  بعض الذين لا يعرفون اللغة الإنجليزية. وبناء على ما لم يفهموه من الكلام، قرروا أنّ غنيماً فعلاً يهدد  بمظاهرات ضد الجيش. وبما أنني حضرت المحاضرتان في الولايات المتحدة، رأيت أنّ من واجبي ترجمة كلام وائل غنيم والذي جاء إجابة على سؤال عن الموقف مع الجيش.
قال وائل غنيم: "بالنسبة لي الجيش ركن. لا أريد أن أرى الجيش يتفكك أو أن أراه يتعرض لمشاكل. في الوقت ذاته أريد أن أرى منهم شفافية. أريد أن أراهم يعترفون بأخطائهم. وأريد أن أقنع الناس أنّ الجيش لو أخطأ فلا بأس . الناس في مصر اعتادوا على مبارك الذي لم يخطيء طوال ثلاثين سنة. من وجهة نظر الصحافة، كان دائماً الشخص المصيب. ثقافة الإعتراف بالخطأ في غاية الأهمية وكل الناس تخطيء. ما أريد أن أراه في مصر الجديدة هو أنّ الناس يخطئون. من منا لا يخطيء؟ آخر ما أريد أن أراه هو تجنيب الجيش في ركن ولكمه في الوجه. فمن هو الجيش؟ هو آخر خط في الثورة. هذا لا يعني أن نقبل أيّ شيء يفعله ولكنّهم قبلوا حكم البلاد. وأنا أنظر بتفاؤل لنواياهم وأؤمن أنّهم يقولون ما ينتوون القيام به. وأنّهم يريدون تسليم السلطة بأسرع وقت ممكن وبغض النظر عن كون المصريين مستعدين لهذا أم لا. فالجيش يريد أن يعود لعمله ويترك كل هذه الأمور المستجدة عليه. مسئوليتنا أن نبقيّ الضغط لكن في الوقت ذاته نتواصل معهم وقد نستخدم الإعلام إن استدعى الأمر لإبلاغهم بخطأ ارتكبوه. ولكن يجب أن نبدي صبراً. وأريد أن آخذ في الإعتبار عدة أمور، فعندنا نظام سرق 90% من ثرواتنا وأريد أن أتأكد أنّنا لن نضر بلادنا وتقدمها."         
فأين التهديد للجيش في ما قاله غنيم؟ ربما يكون الناشر الأصليّ للفيديو اختار عنواناً يدل على المحتوى الحقيقي للمادة  ثمّ بدل غيره العنوان. وليس فرضاً على جميع المصريين أن يتقنوا الإنجليزية، لكن فرض عليهم أن يتحروا فنحن لسنا عرائس تحرك بلا فهم.
والخطير أنّ بعض شباب اليوتيوب غضب من كلام غنيم الذي لم  يقله. وعبروا عن غضبهم بطريقة لا تمد للواقع بصلة. فطالب البعض بمقاضاته بتهمة الخيانة العظمى. ووصل الأمر إلى حد تهديده بالقتل. وقد يكون مبعث ردود الأفعال العنيفة هو الوطنية وحب مصر. ولكنّه حب الدبة التي قتلت صاحبها.و من يقرأ التعليقات تحت الخبر يدرك أنّ المشكلة ليست في عدم فهم اللغة الإنجليزية. المشكلة أننا لا نسمع بعض ولا نقبل أن نغير رأينا حتى لو كان خطأ. على سبيل المثال، لم يذكر وائل غنيم أنّه يجمع تبرعات. كل ما قاله هو "استثمروا في مصر وزوروا مصر". ومع ذلك كان بعض التعليقات أنّه زار أمريكا لجمع المال. انتقد غنيم السياسة الأمريكية الخارجية وقال أنّ ثورات الدول العربية أفاقت أمريكا وتوقع أن تتغير السياسة الأمريكية لتكون أكثر إنصافاً. وجاءت بعض التعليقات أنّه عميل أمريكي. لكن التعليق الأكثر ابتكاراً كان عن إدعاء أنّ الشعار المحفور على المنصة التي تحدث منها غنيم،  عبارة عن نجمة داوود. بينما يرمز الشعار إلى العمارة الإسلامية وعليه أول ثلاثة حروف في اسم المركز الإسلامي،
MCA (Muslim Community Association)
ولا أستطيع أن أعفي مبارك من تدهور نظام التعليم إلى درجة سمحت للسباب والعنف أن ينهي جل حواراتنا.  لكن جزءاً كبيراً يتحمله كل من يظلم دون تبين. فكما قال أحد المعلقين على الفيديو، إن لم تفهموا اللغة فاسألوا. لكن من المؤكد أنّ مختار عنوان الفيديو الأصلي، عنده خطة معينة لتشويه صورة وائل غنيم. وهذه العقلية الفاسدة هيّ التي لفقت أخباراً استهدفت كثير من الناس. الخطر يكمن فيمن يخطط عالماً بمواضع الضعف عند الشعب المصريّ. ويضغط عليها ويحركه في الإتجاه الذي يناسبه. ويوقع السذج في شراكه وينال من الأمن العام . وقد تساءلت لم ظهر جزءاً واحداً من المحاضرة ولم تظهر كلها؟ كل ما أعرف أنّه كان هناك رجلاً يصور فانتبهت إليه إحدى الحاضرات وطلبت منه أن يكف عن التصوير ففعل. ولا أدري إن كان هذا صاحب المشاركة أم لا. لكن مهما ينشر من أخبار عن أناس بعينهم أو تيارات فكرية، يجب أن نتساءل ونفهم. ومهما يكن من أمر غنيم الذي أكد أنّه ليس بطلاً وأنّ الثورة ثورة شعب، فلا أحد يطالب الجميع بمحبته بل فليكره من يريد دون تلفيق. فنحن شعب لا يراهن على جهله إلا خاسر. وأملي أن نلقن أمثال مؤلف العنوان درساً في تروي الشعب المصري.






















ليست هناك تعليقات: